بغداد/ شبكة أخبار العراق- تخسر العاصمة العراقية بغداد معالمها العمرانية القديمة، مع تقلص أعداد الأبنية التراثية التاريخية التي كانت تنتشر على شاطئ نهر دجلة من جهتي الرصافة والكرخ، ولم يبقَ منها سوى العشرات نتيجة توسع ظاهرة التمدن العشوائي والمراكز التجارية التي شيّدت حولها.وأبدى مواطنون بغداديون امتعاضهم من تحوّل مناطق العاصمة القديمة تدريجياً الى مراكز تجارية وعمارات سكنية بتصاميم مشوهة من دون أي تحرك حكومي ملحوظ للحفاظ على هوية العاصمة.
بغداد/ شبكة أخبار العراق- تخسر العاصمة العراقية بغداد معالمها العمرانية القديمة، مع تقلص أعداد الأبنية التراثية التاريخية التي كانت تنتشر على شاطئ نهر دجلة من جهتي الرصافة والكرخ، ولم يبقَ منها سوى العشرات نتيجة توسع ظاهرة التمدن العشوائي والمراكز التجارية التي شيّدت حولها.وأبدى مواطنون بغداديون امتعاضهم من تحوّل مناطق العاصمة القديمة تدريجياً الى مراكز تجارية وعمارات سكنية بتصاميم مشوهة من دون أي تحرك حكومي ملحوظ للحفاظ على هوية العاصمة.
ففي وسط بغداد تقع مناطق باب الشرقي، البتاوين، السعدون، الكرادة وغيرها من المواقع التي غالباً ما يقصدها العراقيون عندما يريدون تفقد العاصمة القديمة، لكنها بدأت تخسر معالمها بعدما هجرها سكانها المسيحيون الأصليون واستولى عليها أصحاب المشاريع ورجال أعمال ومستثمرون وغيرهم.ويقول الكاتب العراقي شامل القادر وهو بغدادي الأصل، إن “العاصمة تعيش اليوم في فوضى متعمدة لتشويه معالمها التراثية كأنه يراد طمس هويتها”، لافتاً في حديث صحفي إلى أن “هناك سباقاً بين أصحاب الأموال الكبيرة لتوسيع مشاريعهم التجارية على حساب المباني التراثية حيث تفقد بغداد يوماً بعد يوم هويتها”.
ويضيف أنه “سابقاً وعند أيام العطل كنا نذهب الى مناطق بغداد القديمة خصوصاً شوارع الرشيد والمتنبي والقشلة وغيرها من الشوارع القديمة، لكننا اليوم نتحسر على الروحية البغدادية في تلك الشوارع بسبب انتشار المباني العشوائية ذات التصاميم القبيحة، إضافة الى أن الكثير من مباني المسيحيين القديمة والتي تعتبر من جمالية بغداد تعرضت للهدم إثر الاستيلاء عليها وتحويلها الى محال تجارية”.وفيما أشاد القادر بتأهيل شارع المتنبي (أبرز المعالم الثقافية في بغداد) خلال العام الماضي، طالب “الجهات المعنية بأن تشمل عمليات التأهيل باقي الشوارع ومحاسبة الذين يتجاوزون على المباني التراثية”.
يتحسّر المواطن البغدادي بهجت ناظم (57 عاماً) كلما يجول في شارع الرشيد ويرى الإهمال والخراب في المباني والمعالم التراثية، ويقول إن “بناء البيوت والعمارات في شوارع بغداد القديمة لا يمت الى تاريخ العراق بصلة، إذ إن هذه المباني التي يعود تاريخها الى العهدين العثماني والبريطاني القديم باتت مهملة وتحيط بها النفايات وكتل الباطون المشوهة… فأين هوية بغداد التي يجب الحفاظ عليها؟ وأين الجهات الحكومية التي يجب أن تستثمرها؟”.ويؤكد أن “بغداد تفقد يوماً بعد يوم جزءاً من هويتها نتيجة سوء التخطيط العمراني بسبب غياب المعالجات الحكومية والاهتمام بهوية العاصمة”.
وتابع ناظم: “حتى مناطق الكرخ القديمة في بغداد تعاني اليوم من اندثار الإرث الحضاري الذي يميز هويتها”، مشيراً الى أن “بغداد ليست كما قبل أو كما كانت، وهذا أمر محزن بالنسبة الينا”.من جهته، يحذر الخبير في تراث بغداد قيس العزاوي من غزو المستثمرين المواقع التراثية، وجه بغداد الحقيقي، كاشفاً أن “المستثمرين أخذوا يقدمون عروضاً مغرية لأصحاب البيوت التراثية لتحويلها الى مراكز تجارية وغيرها من المشاريع”.ويقول إن “منطقة الكرادة وسط بغداد بعدما كانت تزخر بالمعالم التاريخية تشهد اليوم مشاريع استثمارية ولم نلحظ أي قيمة بغدادية قديمة فيها وكأنها باتت مدينة تجارية مكتظة ومزدحمة”، لافتاً الى “وجود محو ممنهج للذاكرة البغدادية القديمة”.
وتحوّلت مناطق بغداد القديمة الحضارية الى مدن تتكدس فيها النفايات إضافة الى وجود عمارات سكنية مشبوهة تنشط فيها تجارة المخدرات وغيرها، كما يقول العزاوي. وتعدّ منطقة البتاوين واحدة من أبرز هذه المناطق التي ضربها الإهمال وتسود فيها الفوضى والبؤس وانتشار عصابات الدعارة والمخدرات، علماً أنها كانت أيقونة لبغداد المتتنوعة إذ كان سكانها اليهود والمسيحيون والمسلمون يتجاورون في سلام ووئام، قبل أن تعصف بالعراق موجات الحروب فالهجرة الطوعية ثم القسرية، ما أدّى إلى تحوّل منطقة كالبتاوين إلى خراب مكتمل المعالم.ويتخوف الخبير في تراث بغداد من تحول المدن البغدادية القديمة الى مناطق عشوائية بمبانٍ ذات تصاميم بعيدة من معالم بغداد وهويتها، محملاً “أمانة بغداد ووزارة الثقافة العراقية مسؤولية ما يحصل من طمس لهوية بغداد وتاريخها”.وفي السياق، أعلن مستشار رئيس الوزراء لشؤون الإعمار عن خطط حكومية لتأهيل معالم بغداد التراثية وحتى المدن التي تحمل الطابع البغدادي كالأعظمية والكرادة والكاظمية ومناطق وسط العاصمة، لافتاً في تصريح صحفي، إلى “وجود مساعٍ حكومية لمعالجة التشوه البصري الذي تعاني منه المعالم التراثية، وقد بدأت الحملة من ساحة التحرير وسط العاصمة التي تشهد حالياً عملية تأهيل وإعادة تطوير فضلاً عن شارع الرشيد وأزقة باب الشرقي وغيرها”.