دع عنك حياة الناس. أعمال الفساد والنهب غير المنظم التي تمارسها الميليشيات والجماعات التابعة لإيران في العراق، مُكلفة لهذه الميليشيات والجماعات، وتشكل خطرا عليها، وتضعها على كل لسان، وتجعل القاصي والداني يشتمها ويشتم المرجعيات التي تقف وراءها، ويلعن أبو المذهب الصفوي الذي تصدر عنه، كما يلعن سواه وما يتلطى به أيضا.والمخازي كثيرة. ويعرفها العراقيون، وهي مما لا يخفى على أحد. ولفرط قبحها فإنها تثير الغثيان في النفوس، وتوفر سببا للتبرؤ من “المذهب الشيعي” الذي تتغطى به، وتضفي عليه من دواعي العار والشنار، ما لا يقبله الحسين والعباس، وتجعل “أمير المؤمنين” يخجل من نفسه أن له أتباعا لصوصا ونصابين يخادعون أنفسهم، ولا يخادعون الناس، لأن الناس تعرفهم وتحصي عليهم الفضائح.

بقلم: علي الصراف
 دع عنك حياة الناس. أعمال الفساد والنهب غير المنظم التي تمارسها الميليشيات والجماعات التابعة لإيران في العراق، مُكلفة لهذه الميليشيات والجماعات، وتشكل خطرا عليها، وتضعها على كل لسان، وتجعل القاصي والداني يشتمها ويشتم المرجعيات التي تقف وراءها، ويلعن أبو المذهب الصفوي الذي تصدر عنه، كما يلعن سواه وما يتلطى به أيضا.والمخازي كثيرة. ويعرفها العراقيون، وهي مما لا يخفى على أحد. ولفرط قبحها فإنها تثير الغثيان في النفوس، وتوفر سببا للتبرؤ من “المذهب الشيعي” الذي تتغطى به، وتضفي عليه من دواعي العار والشنار، ما لا يقبله الحسين والعباس، وتجعل “أمير المؤمنين” يخجل من نفسه أن له أتباعا لصوصا ونصابين يخادعون أنفسهم، ولا يخادعون الناس، لأن الناس تعرفهم وتحصي عليهم الفضائح.
ولقد صاروا مصدرا للتندر والاستخفاف والاحتقار، إلى درجة أنهم يتركون انطباعات بأنهم كائنات أقرب إلى “السلابيح” في برميل القمامة، وأنهم من “سقط المتاع”، وذلك عدا عن أنهم مجرمون يرتكبون من الانتهاكات ما يخطر ولا يخطر على بال، حتى أصبحوا، بحسب السجلات العالمية المتعلقة بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان، عارا على البشرية، وحتى ليتمنى الكثيرون لو أنه أمكن جمعهم في مكان وألقيت عليهم قنبلة نووية، لعل الأرض تتطهر من رجسهم ومن شرورهم، بما يخرج منها من أشعة تدوم لألف عام.
وهذا أمر، لو تأملت به، خطير. وهو ما يشكل دافعا للثورة ضدهم، وحرق مقراتهم، كما حصل من قبل، مما قد يستدعي منهم التفكير في مخرج.والمخرج لا يُشترط أن يجعلهم يكفون عن أعمال النهب والفساد. فهذا أمر مستحيل على طبائعهم، والعراقيون يستطيعون أن يتفهموا حقيقة أن السلابيح تظل سلابيح في النهاية.ولئن نهبوا الكثير، فإن فوضى النهب تهددهم وتهدد “حقهم المشروع” في ممارسة الفساد. ولك أن تتصور ماذا يعني أن حكومة من حكوماتهم نهبت وبددت في عقد واحد من الزمن أكثر من 400 مليار دولار. وما مرّ عام من بعد ذلك العقد إلا وطالت الأرقام ما يتراوح بين 50 و100 مليار دولار إضافية.
ولو أخذت شيخ اللصوص الذي ما يزال يتحكم بنظام المحاصصة، فلا توجد مخيلة يمكنها أن تستوعب ما صار يملك، وكم ينفق لأجل المحافظة على “حصته” في نظام المحاصصة الذي أنشأه. كما لا توجد مخيلة يمكنها أن تتصور كم أنه مرعوب أيضا.لماذا؟ لأن الطبيعة “السلبوحية” تكفي بمفردها لكي تدله على أن المال الحرام يجلب البلاء لصاحبه.وهذا كله غير ضروري، ويمكن إعادة تنظيمه بحيث يُصبح نوعا من “فساد حلال” و”أعمال نهب مشروعة” تتم ممارستها وفقا للقانون. وبما أنهم يفصّلون القوانين على مقاس نعل وليهم الفقيه، ويمتلكون الأغلبية في البرلمان، فإنهم يستطيعون أن يجعلوا “القانون” حارسا لمشروع تطوير الفساد وشرعنة النهب.
ولك في رواتبهم أسوة حسنة. فالرئيس العراقي يتلقى راتبا ومخصصات تعادل عشرة أضعاف راتب الرئيس الأميركي. ورئيس الوزراء العراقي يتلقى راتبا ومخصصات أكبر مما يحصل عليه قادة الاتحاد الأوروبي مجتمعين. وكل هذا “حلال” و”قانوني” و”مشروع”. فإذا كان ذلك كذلك، فلماذا لا يتم إنشاء نظام خاص للفساد الحلال؟ وآخر لأعمال النهب المشروع؟ وثالث لنعال الولي الفقيه وحرسه الثوري؟ فقط من أجل أن “يفكوا ياخة” عن الباقي، ويسمحوا بجعله موازنة خاضعة لرقابة دولية تذهب إلى منفعة العراقيين وتنمية بلادهم.
وعلى سبيل المثال، لا الحصر، فإن شيخ اللصوص القابع على قبة مزار “الإطار التنسيقي” يمكنه أن يحصل بموجب “القانون” على 10 مليارات دولار سنويا، لكي يوزّعها على جماعاته وميليشياته. صحيح أنهم ينهبون أكثر من ذلك الآن، ولكن ذلك يجعلهم تحت طائلة الخوف والاتهامات والتجريم مما يمكن أن يؤدي في النهاية إلى قطع رؤوسهم وسحل جثثهم، بينما يمكنهم، بفضل “قانون” من هذا النوع، أن يقولوا إنهم يمارسون عملا من أعمال “النهب الحلال” و”الفساد المشروع”.يمكن أيضا تخصيص 10 مليارات للولي الفقيه، ومثلها لحرسه الثوري، هكذا من دون الحاجة إلى تعاقدات مزيفة، ولا أعمال تهريب للعملة، ولا تجارة خردة، ولا واردات غاز من إيران يملك العراق أضعاف أضعافها.
والمسألة هي أن فوضى النهب تجعل الأموال تتبدد حتى بالنسبة إلى مصالح اللصوص أنفسهم. تخيّل أنك كحرامي، وتقول لك الدولة، تعال خذ “حصتك” وأنت في مأمن، بدلا من أن تأخذ عشرة أضعافها وتضطر إلى تبديد القسط الأكبر منها على العصابة التي من حولك، وتظل في الوقت نفسه قيد الملاحقة القانونية وقيد التجريم والعقاب.قد يبدو مبلغ 30 مليار دولار سنويا لأعمال النهب المشروع والفساد الحلال كبيرا للغاية على ميزانية بلد تبلغ عائداته النفطية 100 مليار دولار.
ولكن الحقيقة هي أن الـ70 مليار دولار الباقية يمكنها أن تمنح العراقيين حياة أكرم من حياتهم الراهنة، وتنمية أفضل، وسرعان ما سوف تجعلهم قادرين على زيادة مواردهم، طالما أنها تخضع لرقابة صارمة، وطالما أن اللصوص وسقط المتاع ووليهم الفقيه ابتعدوا عنهم، وكفوا شرورهم.تستطيع أن تعتبر الأمر “ضريبة” تُطعم بها الكلب الجائع لكي لا يعضك. أو إتاوة تدفعها لجار شرير لكي يكف عن مهاجمة منزلك.
وفي الحقيقة فإن فوضى النهب تبدد أكثر من تلك “الضريبة”، وهي تضر بمصالح اللصوص أنفسهم، وتجعلهم عرضة للتهديد والسخرية والملاحقات.هم يشعرون الآن أنهم في مأمن. ولكن لو نظرت إلى شيخ الحرامية، يوم رفع الرشاش لكي يحمي نفسه من هجوم موهوم، فإنك سوف تعرف أنهم خائفون. ولو أنك تذكرت كيف تم حرق مقراتهم وقنصلياتهم، فستعرف أنهم قد يخسرون كل شيء، بما في ذلك، كل ما نهبوه من قبل، وظنوا أنهم أفلتوا به.ما هذا إلا مقترح “أخوي”، أقدمه لهم، فقط من أجل أن “يفكوا ياخة” عن هذا البلد البائس وعن شعبه المسكين الذي كلما نظرت إلى حاجاته ومآسيه، فإنك لا تملك إلا حسرة القول: “والله حرام”.

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version