بقلم:أدهم إبراهيم

بقلم:أدهم إبراهيم
بدأ المخطط الجديد لتفتيت وإضعاف الدول العربية عند قيام الولايات المتحدة بغزو العراق عام 2003. فعمدت إلى القضاء على الدولة العراقية وليس على نظام الحكم فقط، عندما عملت على تفتيت الشعب العراقي من خلال تشكيل مجلس الحكم من سياسيين شيعة، وسنة عرب وسنة كرد في تشكيلة هجينة!
وفي مصر تم إخراجها عمليا من محيطها العربي من خلال تسليم الحكم إلى جماعة الإخوان المسلمين بعد الثورة المصرية على نظام حسني مبارك. وقد عملت هذه الجماعة ما بوسعها لإبعاد الشعب المصري عن عقيدته القومية بتبني فكرة الحاكم المسلم بدل الحاكم العربي، وقد روجوا لهذه العقيدة طوال فترة حكمهم بهدف القضاء على أي شعور قومي عربي في مصر. إلا أن الجيش المصري أدرك هذه اللعبة قبل فوات الأوان وأزاح الإخوان عن سدة الحكم.
واستكمالا لمخطط تفتيت المجتمعات العربية جاء الدور على سوريا التي كانت مشعلا للقومية العربية على مدى عقود من الزمان، ونشأت فيها أغلب الحركات العربية، إضافة إلى ريادتها في تحقيق حلم الوحدة مع جمهورية مصر العربية وكذلك مع العراق، وتم استغلال التململ الشعبي ومن ثم المظاهرات المطالبة بتحسين الوضع الاقتصادي والسياسي لنظام الحكم فيها، حيث تم قمعها بوحشية بادئ ذي بدء ثم جرت شيطنتها لإضفاء صفة الإرهاب عليها، فتحولت في جوانب عديدة منها إلى منظمات إرهابية حقيقية، نتيجة التدخلات العربية والإقليمية.
هل استفاقت إيران من حلمها الذهبي في إعادة إمبراطورية فارس في المنطقة، وأدركت أنها كانت مجرد مخلب قط بيد الدوائر الغربية في تخريب الدول العربية، ودفعها إلى التطبيع مع إسرائيل؟
دخلت سوريا في حرب شعواء شاركت فيها أميركا وروسيا وإيران ثم تركيا ودول عربية وكلها تدعي مكافحة الإرهاب، فأصبحت بابا للتدخلات الأجنبية في المنطقة، لاسيما التدخل الإيراني بشكل سافر في كل من العراق وسوريا ولبنان بحجة الدفاع عن المراقد المقدسة أولا ثم بذريعة القضاء على الإرهاب ثانيا.
ومثل ذلك جرى في اليمن. كما تم تهديد البحرين والعربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، في محاولة لإشعال الفتن فيها.وقد أدى ظهور “الإسلام السياسي” إلى إحياء الفتاوى والخطابات الطائفية والراديكالية، وأعطى مكانا مهيمنا للأساطير الدينية في تفسير الأزمات وإيجاد الحلول الفانتازية.ثم جاءت سياسة فك الارتباط من الشرق الأوسط التي انتهجها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، إلى جانب الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، لتكتمل الصورة، بمنح طهران المزيد من الموارد والنفوذ، وترك العرب في حالة من الفوضى.
لقد تسلل الإيرانيون إلى الدول العربية تحت لافتة المقاومة تارة وحماية المقدسات تارة أخرى، فتم إنشاء ميليشيات ولائية عابرة للحدود الوطنية، مما أعطى طهران نفوذا متصاعدا على مسرح الشرق الأوسط. لقد تم استغلال سعي إيران لتصدير الثورة وطموحاتها التوسعية لاحتواء المواطن العربي بشعارات دينية ومذهبية.
وإذا استطاعت إسرائيل ضم الأراضي العربية إليها، فإن إيران سعت إلى ضم الإنسان العربي إليها طائفيا وعاطفيا، ولتحقيق هدفها هذا عملت على مدى سنوات على تهجير العراقيين والسوريين المناوئين لها وإجراء التغييرات الديموغرافية في أغلب المدن العراقية والسورية، بما يضمن تحقيق مصالحها وفرض سيطرتها التامة.
الموضوع لا يتعلق بصراع مذهبي كما يصوره البعض، فإن الشيعة العرب قد ضاقوا ذرعا بممارسات إيران في العراق ومزاحمتها العراقيين على لقمة الخبز، أو استغلال الوضع الاقتصادي لتحقيق مصالح أنانية على حساب مصلحة الشعب العراقي.
وما انتفاضة تشرين الأول – أكتوبر عام 2019 إلا شاهد على ذلك.
وفي الخليج العربي أوقفت الصواريخ إيرانية الصنع نسبة كبيرة من إنتاج النفط السعودي في سبتمبر – أيلول عام 2019، وشكلت خطرا على سيادة واقتصاد المملكة العربية السعودية. وقد أصبحت الصدمة مضاعفة عندما لم تتحرك الولايات المتحدة للدفاع عن الرياض.
ادعاء إيران بأنها راعية للمقاومة والممانعة ضد إسرائيل لا نجد له أي مصداقية على أرض الواقع، فالميليشيات الموالية لإيران في العراق قد قتلت وهجرت أغلب الفلسطينيين الموجودين بالعراق
وكذلك عانت الإمارات العربية المتحدة كثيرا عندما تعرضت 4 سفن تجارية لهجوم في خليج عمان في مايو – أيار 2019، دون شجب أو استهجان من دول العالم.لقد تم استخدام نظام طهران كمخلب قط من خلال رغبتها في توسيع نفوذها وتحقيق حلم الإمبراطورية الممتدة من العراق إلى سوريا ولبنان وصولا إلى البحر المتوسط. وأصبحت العدو البديل عن إسرائيل بسبب المخاوف من الخطر الفارسي المحدق، مما دعا بعض الدول العربية إلى إقامة علاقات التطبيع مع إسرائيل، اعتقادا منها بأن التهديد الإيراني يمثل الخطر الأقرب، مما يتوجب دفعه بالخطر الأبعد.
وما يظهر من نزاع إيراني – إسرائيلي في المنطقة لا يعدو عن كونه صراع نفوذ بين الطرفين، وليس صراع وجود.ادعاء إيران بأنها راعية للمقاومة والممانعة ضد إسرائيل لا نجد له أي مصداقية على أرض الواقع، فالميليشيات الموالية لإيران في العراق قد قتلت وهجرت أغلب الفلسطينيين الموجودين بالعراق بحجة أنهم موالون لنظام الحكم السابق.كما أن يوم القدس الذي أعلنته إيران على لسان الخميني لم نجد له أي عمل في سبيل القدس عدا المسيرات والمظاهرات. فما الذي فعلته إيران عندما نقل دونالد ترامب سفارته إلى القدس؟
وحزب الله منذ أعوام طوال لم يقم بأي تحرش تجاه إسرائيل، ولكنه كان قوة ضاربة على الأرض السورية، وكان من نتيجة تدخله مع الفصائل الموالية لإيران تدمير أغلب المدن السورية وتهجير أهلها. فعن أي مقاومة وممانعة يتحدثون.والآن هل استفاقت إيران من حلمها الذهبي في إعادة إمبراطورية فارس في المنطقة، وأدركت أنها كانت مجرد مخلب قط بيد الدوائر الغربية في تخريب الدول العربية، ودفعها إلى التطبيع مع إسرائيل؟فهل مصالحتها مع السعودية قد جاءت نتيجة لذاك أم مازال هناك من يعتقد أن بإمكان ملالي طهران تحقيق أحلام العصافير!

شاركها.

اترك تعليقاً

Exit mobile version